نتحدث في هذا الموضوع عن عالم الجان في العقائد الدينية ولنبدأ بالعقيدة الإسلامية. وطبقاً للعقيدة الإسلامية, فالجن لها أجسام هوائية قادرة على التشكل باشكال مختلفة لها عقول وأفهام وقدرة على الأعمال الشاقة وهم خلاف الأنس, ويقال أنما سميت بذلك لأنها تتقي ولا ترى, وهي ثلاث أصناف وقد روي الطبري بأسناد حسن عن ابي ثعلبة الخشني أن النبي (ص) قال "الجن ثلاث أصناف لهم أجنحة يطيرون بها في الهواء وصنف حيات وصنف يحلون ويظعنون". كما أجمع المسلمون قاطبة على أن النبي محمد صلى الله عليه وسلم مبعوث إلى الجن كما هو مبعوث إلى الأنس قال الله تعالى في كتابه الحكيم "وأوحي إلى هذا القراّن لأنذركم به ومن بلغ" سورة الانعام - اّية 19. ولندخل في صلب الموضوع ونطرح هذا السؤال المباشر وهو:
.
هل يؤمن المسلمون حقاً بوجود ما يسمي "بالجان" .. ؟!
.
الإجابة بكل تأكيد .. نعم!
.
وإليكم الأدلة والبراهين التي تثبت ذلك:
.
أولا: الأدلة من القراّن الكريم:-
.
يجمع المسلمون على إقرار وجود ما يسمي "بالجان". ولفظ "الجان" أو "الجن" هذا قد ورد كثيرا في القراّن الكريم, وعلي سبيل المثال ما ورد في (سورة الحجر - الاّيتان 26-27), والتي يقول فيها الله عز وجل:
.
وَالْجَآنَّ خَلَقْنَاهُ مِن قَبْلُ مِن نَّارِ السَّمُومِ"
(سورة الحجر - الاّيتان 26-27)
فيقول الله تعالي في هذة الاّية إنه قد خلق الجن من النار وأول الجان هو أبيهم سوميا الذي دعى للجن أن يكونوا مريبين في الأرض واسكنهم الأرض قبل خلق اّدم كما يذكر القراّن في الاّية السابقة.
.
ولا يخفي علي اي مسلم وجود سورة بكاملها باسم الجان في القراّن وهي "سورة الجن". علاوة علي هذا, فكلمة "الجن" أو "الجان" وردت في القراّن 35 مرة وتكررت في أكثر من موضع في القراّن الكريم, ومنها ما ورد في الاّية التالية:
.
(سورة الذاريات - آية 56)
وهنا إشارة واضحة في القراّن الكريم وتأكيد للاّية السابقة (سورة الحجر- اّية 27) من أن "الجان" هي كائنات مخلوقة (اي خلقها الله) وبالتالي فهي "كائنات لها وجود" وليست مجرد أوهام كما يعتقد بعض المسلمين. فالله خلق الجن (العفاريت) والإنس (الإنسان) من أجل أن يعبدوه كما تقول الاّية الكريمة بكل وضوح. وإليكم بعض الاّيات الأخري التي تؤكد علي وجود ما يسمي "بالجان":
- "يا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالإِنسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِّنكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي وَيُنذِرُونَكُمْ لِقَاء يَوْمِكُمْ هَـذَا قَالُواْ شَهِدْنَا عَلَى أَنفُسِنَا وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَشَهِدُواْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُواْ كَافِرِينَ" سورة الأنعام - آية 130.
- "وَلَوْ شِئْنَا لَآتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا وَلَكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ" سورة السجدة - آية 13.
- "يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَن تَنفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ فَانفُذُوا لَا تَنفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطَانٍ" سورة الرحمن - آية 33.
- "قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِّنَ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآناً عَجَباً" سورة الجن - آية 1.
فهذه الآيات وغيرها دليل على وجود الجن وبعض أحوالهم، ولا يتكلم القراّن عن شيء غير موجود ولا ندركه فهو منزل لأجلنا ولفهمنا وإن كنا لا نراهم فلحكمة أرادها الله, حيث ذكر القراّن سبب أستتارهم عن أعيننا بقوله: "يَا بَنِي آدَمَ لاَ يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُم مِّنَ الْجَنَّةِ يَنزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْءَاتِهِمَا إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لاَ تَرَوْنَهُمْ إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاء لِلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ" سورة الأعراف - آية27.
ثانياً: الأدلة من الأحاديث النبوية (كتاب صحيح مسلم والبخاري):-
1. ورد في صحيح مسلم عن ابن مسعود قال: (كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات ليلة ففقدناه فألتمسناه في الأودية والشعاب، فقلنا: أستطير أو أغتيل، فبتنا بشر ليلة بات بها قوم، فلما أصبحنا إذا به جاء من قبل حراء فقلنا يا رسول الله فقدناك وطلبناك فلم نجدك فبتنا بشر ليلة بات بها قوم، فقال صلى الله عليه وسلم: أتاني داعي الجن فذهبت معه فقرأت عليهم القراّن, قال ابن مسعود: فأنطلق بنا ، صلى الله عليه وسلم، فأرانا آثارهم وآثار نيرانهم...) صحيح مسلم بشرح النووي ، 4/170.
2. وروي عن صحيح مسلم ومسند الإمام أحمد عن النبي محمد, قال: (خلقت الملائكة من نور، وخلق الجان من نار، وخلق اّدم كما وصف لكم) صحيح مسلم بشرح النووي 18/123.
3. وفي صحيح البخاري عن أبي هريرة أن النبي محمد أمره أن يأتيه بأحجار يستجمر بها وقال له: (ولا تأتيني بعظم ولا روثة)، -نهاية حديث البخاري هنا- ، و لما سأل أبو هريرة النبي محمد بعد عن سر نهيه عن العظم و الروثة، قال : (هما من طعام الجن، و أنه أتان وفد من جن نصيبين فسألوني الزاد، فدعوت الله لهم : و أن لا يمروا بعظم و لا بروثة إلا وجدوا عليها طعاماً).
4. وفي سنن الترمذي بإسناد صحيح عن عبد الله بن مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : "لا تستنجوا بالروث، و لا بالعظام، فإنه زاد إخوانكم من الجن".
5. وفي صحيح مسلم عن ابن مسعود : أن النبي محمد قال: "أتاني داعي الجن، فذهبت معه، فقرأت عليهم القراّن، و سألوه الزاد فقال: "لكم كل عظم ذكر اسم الله عليه يقع في أيديكم، و أوفر ما يكون لحماً، و كل بعرة علف لدوابكم". فقال رسول الله: "فلا تستنجوا بهما فإنهما طعام إخوانكم".
إذن .. إذا كان "الجان" فعلاً موجود, فلماذا لا نراه .. ؟
لا يستطيع الإنسان أن يري الجان لأستتارهم عن العيون (ولذلك سموا جنا)، فهم يرون الناس ولا نستطيع رؤيتهم، وهذه الحقيقة معروفة والدليل قول القراّن: "إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لاَ تَرَوْنَهُمْ إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاء لِلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ" سورة الأعراف - آية 27، والمقصود إن الإنسان لا يرى الجن على صورتهم الحقيقية التي خلقوا عليها ولكن قد نراهم بصور أخرى متجسدين لها أو وهما للعقل كما يحصل لبعض المسحورين.
وللخلاصة من ذلك, نستنتج أن:
"الجان" هي عقيدة أساسية في عقائد المسلمين بل ولها حضور قوي في الكتابات الاسلامية سواء في الحديث أو التفسير أو السيرة بل هناك احيانا ابواب خاصة بها.
والجن في الاسلام مخلوق من نار وهذة المخلوقات تتميز بكونها كائنات عاقلة وواعية وتشاركنا الحياة في هذا الكوكب، فحقيقة الجن إنهم جنس مكلف مثل البشر للعبادة، ولهذا فلهم أديان شتى كالبشر ففيهم المسلم, وفيهم النصراني، واليهودي، والهندوسي، والبوذي وغير ذلك وفيهم حتى الكفار. الجن يتواجدون بيننا، ومع كل هذا التواجد الهائل فهم يزاحمونا مناطقنا المعمورة بنا نحن الأنس، ومنهم من يقيم إقامة دائمة بمنازلنا وفي غرفنا أو صالاتنا، ومنهم الشياطين التى تأوي إلى السحرة والكفرة وتؤذي البشر ومنهم من يتواجد في المناطق الفارغة كالصحاري وغيرها. وبحسب العقيدة الإسلامية, الجن فيهم الذكور وفيهم الاناث ويتناسلون ويأكلون ايضا ومن بين ما يأكلون العظم والجوف.
ويعتقد المسلمون أن النبي محمد كان رسولاً للانس والجن في آن واحد وانه عند بعثته منعت الشياطين الوصول للسماء الدنيا التي كانوا يأخذون فيها مقاعد يتجسسون على اهل السماء فصار الله يرجمهم بالنجوم ليحرقهم بها. والدليل علي ذلك ما ورد في سورة الأنعام - الاّية 130: "يا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالإِنسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِّنكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي وَيُنذِرُونَكُمْ لِقَاء يَوْمِكُمْ هَـذَا قَالُواْ شَهِدْنَا عَلَى أَنفُسِنَا وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَشَهِدُواْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُواْ كَافِرِينَ".
ولكن .. أمير الإنتقام الإلكتروني له رأي اّخر
فينكر وجود الجان والعفاريت .. ويقول في أحد تعليقاته:
وهنا أتوجه إلي الأخ المسلم الذي ينكر وجود الجان والعفاريت بهذا السؤال:
لماذا تنكر وجود "الجان" وتعتبر ذلك مجرد "خزعبلات" وتخاريف دينية لا صحة لها بينما القراّن الكريم والأحاديث النبوية حافلان بالأدلة التي تؤكد وجود مثل هذة المخلوقات .. ؟!! فهل تقصد بذلك أن القراّن الكريم وكتب الأحاديث النبوية كمسلم والبخاري والترمذي هي كتب مليئة بالخزعبلات أيضاً .. ؟!!!
في إنتظار الإجابة عن ذلك ... !