ليس الهدف من الموقع الإساءة الشخصية للمسلم أو السخرية من عقيدته.. هدفنا هو الحوار الموضوعي القائم علي إستخدام الأدلة العقلية بطريقة حيادية ومحترمة

4 يوليو 2009

ابن الله وسر الولادة الإلهية

إن كلمة "ابن" بالنسبة للمسيح ليست كالبنوة البشرية. إن كل الألفاظ التي اصطلح علي أن تُلقب بها ذات الله العزيزة لا تدل علي حقيقتها ولا ينبغي أن نفهمها علي ظاهرها كما قلنا سابقاً مراراً, وأن اللغة البشرية مهما سمت فلا يمكن أن تعبر تماماً عن حقيقة الله. فالوحي الإلهي تنازل وكلمنا بمقدار ما نستطيع أن نفهم فلا نتخذ لغتنا القاصرة تفسيراً لما هي عليه الذات الإلهية بل لنعلم أن تلك الألفاظ التي أُطلقت علي العزة الإلهية إنما أُعطيت لكي نفهم نحن. وفي الحقيقة يسمو الله بما لا يقاس عما تعبر اللغة البشرية عنه وعما يمكن أن نفهمه نحن.

.

فإذا سمعنا أن الله ثلاثة أقانيم اصطلح علي تسميتهم بالآب والابن والروح القدس, فلا ينبغي أن ينصرف ذهننا بالمرة إلي مدلول هذة الألفاظ بحسب الاصطلاح البشري إذ ليس في الناس ولا في أي شيء من المخلوقات ما يصح أن يشبه به الله كما قال الكتاب "بمن تشبهون الله وأي شبه تعادلون" (أشعياء 40: 18). فتسمية أحد الأقانيم بالآب لا يقصد بها الأسبقية عن الابن أو أن الآب أكبر أو أقدم منه لأن هذة الاعتبارات تصح في المخلوقات علي نوع ما ولكن حاشا أن ننسبها لله تعالي لأن الله في الحقيقة لا يلد ولا يولد بالكيفية التي ندركها. وكذلك لفظة "ابن" لا يمكن أن تؤخذ علي حرفيتها. وكم من كثيرين لجهلهم يهزأون بالمسيحية ظانين أنها تعلم أن الله ولد كما نفهم نحن الولادة وكان حقا لهم أن يهزأوا بأنفسهم لأنهم لم يعرفوا حقيقة تعليم المسيحية.

.

إذا قيل كيف تسمون الإقنوم الأول أباً والثاني ابناً ولا يتوهم السامع أنكم تنسبون لله الجسمية والتناسل؟ فنجيب أن القرآن بيد المسلمين يقر أن لله عينين يبصر بهما, ويدين يبسطهما, ووجه يوليه إلي كل الجهات.. إلخ. فإذا أخذ هذا الكلام علي ظاهره استنتج السامع أنهم يجسمون الباريء. فإن قالوا إن هذا ما ورد في القرآن والمراد به غير ظاهر في اللفظ قلنا أيضاً هكذا تضمن كتابنا المقدس أن الله ثلاثة أقانيم دعوا أباً وابناً وروح قدس وعلي ذلك ليسوا ثلاثة آلهة وليس في تسمية أحدهم بالأبوية أنه آب بالمعني البشري ولا أحدهم بالبنوة أنه ابن بالمعني البشري. وكما جاز أن ينسب له تعالي أنه ذو عين ويد ووجه دون أن تنسب له الجسمية, هكذا يجوز أن يدعو آباً وابناً من غير أن نفهم الأبوة والبنوة البشريين.

.

وقد اختلفت آراء علماء اللاهوت المسيحي في كل المذاهب المسيحية في بيان كيفية ولادة الابن الأزلية. وكان ينبغي أن لا يتخطى العقل البشري إلي التفطر في ما يعجز عن التعبير عنه اعتباراً بما سار عليه المجمع النيقاوي نفسه حيث اكتفي بالقول "بولادة الابن الأزلية" دون إيضاح كيفيتها تاركاً للإيمان التسليم والخضوع في ما لا يتناوله العقل.

.

قال أحد علماء المسيحية "وأما قولنا آباً وابناً فالأبوة والبنوة قد تكونان علي وجهين: إما أبوة وبنوة ناتجة عن تزواج وتناسل وتقدم الآب قبل الابن وتأخر الابن عن الآب مثل ولادة زيد عن أبيه. وإما ولادة بغير مباضعة ولا تناسل ولا تقدم ولا تأخر كولادة العقل للنطق وكولادة قرص الشمس للضوء, والروائح الطيبة من الذي تتولد منه. وإلي هذا المعني ننحو في قولنا أباً وابناً لا إلي المباضعة والتناسل".

ليست هناك تعليقات:

Related Posts with Thumbnails