من أروع ما كتب الدكتور خالد منتصر..
فتوي حسان في بيع الأوثان:
بقلم د. خالد منتصر - جريدة المصري اليوم
للأسف الشديد لابد أن نعترف بأن ما يسيّر العقل الجمعى
المصرى وأفكاره الدينية فى هذا الزمن ليس شيوخ الأزهر، ولكنهم دعاة الفضائيات
الجدد محمد حسان والحوينى ويعقوب.. تأثير شيخ الأزهر نفسه والمفتى وأعضاء مجمع
البحوث الإسلامية لا يماثل واحداً على عشرة من تأثير هؤلاء الدعاة، والمشكلة أن
المزاج المصرى الآن مزاج متطرف، متزمت، يتبنى الفكر
الوهابى السلفى، ولا يطيق سماع أى آراء دينية تتبنى المنطق والعقل وتضع النصوص
الدينية تحت مجهر التحليل، هؤلاء الدعاة صاروا هم الأزهر الموازى، ودار إفتاء الظل
الحاكمة والمسيطرة والمصدَّقة، صارت أحزاب حسان ويعقوب والحوينى هى الأحزاب
الحقيقية، صاروا برلمان التشنج والهستيريا والخرافة الذى يجرنا إلى الخلف ويشدنا
ويشلنا عن التقدم، ويجهض كل رغبة فى اللحاق بقطار المستقبل الذى غادر المحطة، ونحن
مازلنا نسأل عن فقه الحيض والنفاس.
خرج علينا الداعية محمد حسان بفتوى بيع الآثار
والتماثيل وطمس معالمها، وهى فتوى مخربة تنتمى إلى زمن القبلية وعالم الفتونة
والخروج على القانون، مازال «حسان» يسمى التماثيل الفرعونية أصناماً، ومازالت فكرة
التماثيل المحرمة، التى تجاوزها الزمن ورفضها العقل الحديث تسيطر كوسواس قهرى على
أذهان هؤلاء الدعاة، ومازالت كراهية هذه الحقبة الفرعونية، التى تفضح تخلف الفكر
الوهابى، الذى لم يضف إلى حضارة العالم أى منجز حضارى اللهم إلا إذا كان التفجير
والقتل والأحزمة الناسفة وقطع الأيدى وفرض النقاب من المنجزات والمخترعات الحديثة!!
شيوخ فضائيات الوهابية |
هذه الفتاوى المخربة لن تكون الأخيرة من هذه القنوات
الدينية، التى ستحرق الأخضر واليابس، وأنا أعرف بشكل شخصى شباباً ضاع مستقبلهم
بسبب غسل أدمغتهم وتزييف وعيهم من خلال دعاة هذه القنوات، هناك الشيف الطباخ، الذى
ترك فندق الخمس نجوم فى شرم الشيخ وراتبه الضخم، الذى أنقذ عائلته من الفقر
والتسول، تركه بسبب فتوى من داعية فضائى بأن السياحة حرام وخدمة الكفرة الذين
يشربون الخمر فى هذه الفنادق حرام!!
وهناك صانع التماثيل الفرعونية بالأقصر، الذى ترك
المهنة وصار من مجاذيب قنوات الفتنة والخرافة بسبب أنه يصنع أصناماً والعياذ
بالله!!، وهناك خريج الجامعة الأمريكية، الذى هجر البنك الأجنبى وجلس عالة على
أبيه وأمه فى البيت عاطلاً، ترك البنك لأنه يتعامل فى الربا، كما قال واحد من
المؤلفة جيوبهم من دعاة الفضائيات الجدد.
هذه القنوات وهؤلاء الدعاة لا يتحدثون فى نواقض الوضوء
أو مبطلات الصيام، لكنهم يتحدثون فى مستقبل بشر ومقدرات شباب، هم يهدمون أسراً
وعائلات ويحطمون مستقبل مراهقين ومراهقات، هم يحرقون الأخضر واليابس، ويصحّرون عقل
مصر، يتحدث «حسان» عن الركاز وبيع التماثيل ولا يطلب من السعودية أن تدفع زكاة
الركاز عن البترول!!، يكفّر «الحوينى» مجتمع أوروبا الفاسق ويذهب هناك طلباً
للعلاج!!، يتحدث يعقوب عن معجزات بول الإبل والنعجة المعجزة فى الميكروفون
الألمانى وعلى الشاشة «اليابانى» وهو يرتدى الجلباب الصينى!! يستخدمون جميعاً منجزات
الغرب للتحريض ضد هذا الغرب، الذى يرفلون فى نعيمه الحضارى.
ألف رحمة ونور عليك يا شادى يا عبدالسلام، يا من تحدثت
فى رائعتك «المومياء» عن عمليات بيع الآثار، التى كان العقل المصرى يعتبرها سرقة
ويرفضها ويستنكرها.. تعال اليوم لتسمع الشيخ حسان وهو يعتبر سارق الآثار فى فيلمك
بطلاً، بل ولياً من أولياء الله الصالحين!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق