للكبار فقط..
يقول إله الإسلام في محكم آياته:
فإن طلقها فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجا غيره فإن طلقها
فلا جناح عليهما أن يتراجعا إن ظنا أن يقيما حدود الله وتلك حدود الله يبينها لقوم
يعلمون [البقرة
: 230]
كلما ورد ذكر هذة الآية من سورة
البقرة, تجد المسلم تلقائياً يستشهد بحديث صلعم (لعن الله المحلل والمحلل له) في تحريم المحلل في الإسلام. والحقيقة أن
المحلل مُحرم وملعون فقط إذ ما تقاضي أجر أو مال مقابل قيامه بتحليل المرأة
المطلقة.. اما اذا كان زواج المحلل صحيحاً بالشروط التي وضعها الفقهاء ودون أن
يكون ذلك مقابل أجر, فإنه يجوز حتي وإن كان هذا المحلل
قاصداً مجرد تحليل المرأة المطلقة لزوجها الأول! وإليك الدليل من كتاب : الفقه
على المذاهب الأربعة, للمؤلف عبد الرحمن الجزيري:
-إذا طلق امرأته
ثلاثا فإنها لا تحل له حتى تنكح زوجا غيره ولا يلزم أن يكون الزوج الثاني ناويا معاشرتها دائما بل تحل
للأول إذا جامعها الثاني قاصدا (1) تحليلها للزوج الأول ويقال له: المحلل
وإنما تحل للأول بشروط مفصلة في المذاهب (2).
( 1 ) ( المالكية والحنابلة - قالوا : إذا تزوجها بقصد التحليل فإنها لا تحل للأول
مطلقا. وكان النكاح الثاني باطلا )
( 2 ) ( الحنفية
- قالوا : إذا تزوجها الثاني بقصد تحليلها
للأول فإنه يصح بشروط :
الأول : أن يعقد عليها
الزوج الثاني عقدا صحيحا فإذا كان العقد فاسدا
لعدم استيفائه الشروط المتقدمة فإنها لا تحل وكذا إذا كان العقد الثاني موقوفا على
إجازة الغير كما إذا عقد عليها عبد مملوك ووطئها قبل إجازة سيده فإنها لا تحل .
الثاني : أن يدخل عليها
الزوج الثاني ويجامعها. أما مجرد العقد بدون جماع فإنه لا يحلل بالإجماع.
ونقل عن سعيد بن المسيب أنه قال : تحل بمجرد العقد
ولكن هذا القول لم يعمل به أحد من الأئمة مطلقا ومن أفتى به فعليه لعنة الله والملائكة
ولو قضى به القاضي فلا ينفذ قضاؤه . ولا يشترط في الزوج الثاني أن يكون عاقلا بل إذا
وطئها مجنون فإنها تحل وكذا إذا وطئها نائم لا يشعر أو مغمى عليه وكذا إذا كانت هي
نائمة أو مغمى عليها ولكن في ذلك خلافا . فبعضهم يشترط اللذة
من الجانبين كما هو ظاهر الحديث وعلى هذا فالمغمى عليه والنائم الذي لا يلتذ
لا يحلل بخلاف المجنون فإنه يلتذ بلا كلام أما من يقول : يكفي مجرد الإيلاج فإنه يقول
: بالحل مطلقا ولكن الظاهر هو الأول عملا بالحديث إلا أن تحمل اللذة على مجرد الإيلاج
وكذا لا يشترط أن يكون بالغا بل يكفي في تحليلها أن يكون مراهقا بحيث تتحرك آلته ويشتهي
النساء وكذا لا يشترط أن يكون الزوج الثاني مسلما إذا كان يحلل ذمية طلقها مسلم فلو
كان المسلم متزوجا ذمية ثم طلقها ثلاث مرات وتزوجت ذميا ثم طلقها حلت للأول ويشترط أن يكون الوطء بلا حائل كثيف
فلو لف خرقة على ذكره وأولج فإنه لا يصح إلا إذا كانت رقيقة لا تمنع الحرارة كالكيس
المعروف بالكبود فإنه يصح.
الشرط الثالث : أن يكون
وطء الزوج موجبا للغسل بحيث تغيب الحشفة في داخل الفرج على المعتمد ولا يشترط
الإنزال لما علمت أنه يكفي في التحليل أن يكون الزوج الثاني مراهقا وكذا لا يشترط أن
يكون الوطء جائزا فإذا وطئها وهي حائض أو نفساء أو محرما بالنسك فإنها تحل للأول.
الشرط الرابع : أن تنقضي
عدتها من الزوج الثاني فلا تحل للأول إلا إذا انقضت عدتها كما أنه لا يصح للزوج
الثاني أن يعقد عليها إلا إذا انقضت عدتها من الأول كما تقدم في قولنا : أنه يشترط
أن يكون العقد صحيحا إذ لو كانت في العدة لم يكن العقد عليها صحيحا.
الشرط الخامس : تيقن
وقوع الوطء في المحل فلو
وطئ صغيرة لا يوطأ مثلها فإنها لا تحل ومثل ذلك ما إذا وطئ مفضاة - وهي ما اختلط قبلها
بدبرها - فإنها لا تحل للأول إلا إذا حملت من الثاني إذ لا يمكن الجزم بأنها وطئها
في القبل إلا بالحمل ومثل ذلك ما إذا تزوجها مجبوب - وهو مقطوع الذكر - فإنها لا تحل
للأول إلا إذا حملت من المجبوب وذلك لأن المجبوب يمكن أن يساحقها بأن يضع محل القطع
على فرجها - كما تفعل المرأة مع المرأة - ثم ينزل فإذا حملت من هذا الإنزال . فإنها
تحل للأول أما إذا تزوجها خصي - وهو مقطوع الأنثيين - ثم أولج فيها تحل وكذا إذا تزوجها
شيخ كبير يكون عنده نوع انتشار فإنه يكفي أما إذا كانت آلته كالخرقة لا انتشار لها
ولا يمكن إدخالها إلا بيده فقيل : تحل به لأن المدار إلى دخول الحشفة وقيل : لا تحل
ولكن الظاهر أن ذلك الإدخال إذا تلذذ به وتلذذت به حلت كما هو ظاهر حديث " حتى
تذوقي عسيلته و يذوق عسيلتك " وإلا فلا.
وبعد فهل يجوز لرجل أن يتزوج مطلقة
الغير ويطأها بقصد تحليلها لمطلقها أو لا ؟
والجواب : أنه يجوز
ذلك بل ويكون له عليه أجره بشروط أحدها : أن يقصد الإصلاح بين الزوجين لا
مجرد قضاء الشهوة . فإن قصد الشهوة فقط كره له ذلك . ولكنها تحل للأول .
ثانيها : أن لا ينصب نفسه لذلك بحيث يعرف بين
الناس ويشتهر بأنه يحلل المطلقات فمن كان كذلك كان عمله هذا مكروها تحريما.
ثالثها : أن لا يشترط على ذلك العمل أجرا فإن فعل كان عمله محرما ويحمل
على هذا حديث " لعن الله المحلل والمحلل له " لأنه باشتراطه الأجر كان عاصيا
يستحق اللعن العام وإنما كان عاصيا بذلك لأنه أشبه آخذ الأجرة على عسب التيس
فمن كان عنده حمار أو غيره من ذكور الحيوانات وطلبه منه آخر لينزو على حمارة أو غيرها
ليحبلها فإنه يحرم عليه أن يأخذ على ذلك أجرا . فإذا أخذ الإنسان أجرا على وطء المرأة
كان كالحمار الذي يطلب صاحبه أجرا على مائه.
رابعها : أن لا يشترط التحليل . كأن يقول : تزوجتك
على أن أحللك فإذا قال ذلك بطل الشرط وصح العقد على المعتمد . فإذا وطئها حلت للأول
ولكن مع كراهة التحريم . ويظهر أن علة ذلك هي مخالفة ظاهر الحديث لأن لعن المحلل والمحلل
هو الذي يثبت له هذا الوصف في العقد بأن يشترط التحليل . وقد علمت أنهم حملوه أيضا
على ما إذا اشترط أجرا يأخذه في نظير القيام بهذا العمل ولا مانع من حمل الحديث على
الأمرين فإن من يشترط أجرا على التحليل بمثابة التصريح بالتحليل
وكلاهما عليه أنه أتى هذا العمل لغرض دنيء تنبو عنه المروءة فيستحق أن يكون من الملعونين.
قد نقل بعضهم عن أبي حنيفة أنه قال : إن شرط التحليل
يصح ويلزم به بحيث لو امتنع عن طلاقها يجبره القاضي ولكن المحققون من الحنفية قالوا
: إن هذا ضعيف لا ينبغي التعويل عليه لأن قواعد المذهب تأباه وذلك لأن النكاح لا يبطل
بالشروط الفاسدة بل يبطل الشرط مع صحة العقد ومما لا شك فيه أن شرط التحليل ليس من
مقتضى العقد فيجب بطلانه وصحة العقد وهذا هو المعتمد من المذهب وإذا أقت العقد بوقت
بطل العقد كما سيأتي في مبحث النكاح المؤقت.
فإذا خافت المرأة أن لا يطلقها فإنه يمكنها أن
تقول له : زوجتك نفسي على أن يكون أمر طلاقي بيدي . فيقول لها : قبلت على ذلك . وفي
هذه الحالة يصح العقد . ويكون لها الحق في تطليق نفسها متى أرادت وهذا إنما يصح إذا
قالت له المرأة هذا . أما إذا قال لها : تزوجتك على أن يكون أمرك بيدك . فإن النكاح
يصح ويلغو الشرط والحاصل أن التحليل إذا سلم من هذه المحظورات
وكان مقصودا به الصلح بين الرجل ومطلقته فإنه جائز ولصاحبه أجر الذي يصلح بين
الزوجين. أما إذا كان لغرض من الأغراض السابقة فإنه يكون مكروها
تحريما ويكون إثمه على كل من اشترك فيه سواء كان الزوج الثاني أو المطلق أو
المرأة ولكن العقد يكون صحيحا متى كان مستوفيا لشروطه الأخرى
وتحل للأول بالوطء على الوجه المشروع.
الشافعية
- قالوا : إذا تزوج رجل مطلقة غيره ثلاثا بنية إحلالها له فإنه يصح بشروط :
الشرط الأول : أن يعقد
عليها الثاني عقدا صحيحا فإذا كان العقد فاسدا أو جامعها بشبهة أو زنا فإنها
لا تحل لأن الله تعالى قال : { فلا تحل له حتى تنكح زوجا غيره } ولا يخفى أن المراد
به النكاح الصحيح حتما.
الشرط الثاني : أن لا
يشترط التحليل لفظا في العقد فإذا قال : تزوجت فلانة بشرط إحلالها لمطلقها أو
قال تزوجتها على أنني إذا وطئتها طلقت أو بانت بطل العقد ولا
تحل للأول بوطئها بناء على هذا العقد الفاسد أما إذا تزوجها بدون شرط و في نيته
الطلاق لتعود إلى زوجها فإنه مكروه.
الشرط الثالث : أن يكون
الزوج الثاني من يتصور منه ذوق اللذة بأن يشتهي الوقاع وإن كان صبيا فلا يشترط
أن يكون بالغا كما لا يشترط إنزال المني وكذا لا يشترط أن يكون عاقلا فلو وطئها مجنون
بعقد صحيح فإنها تحل للأول ولا يشترط أيضا أن يكون مسلما إذا كانت الزوجة ذمية فلو
طلقها المسلم وتزوجت ذميا وفارقها بعد الوطء فإنها تحل للأول وكذا لا يشترط أن يكون
حرا فلو تزوجت عبدا وأجازه مولاه صح ولا يشترط أيضا أن تكون الزوجة غير مطيقة للوطء
. فلو كانت صغيرة لا يجامع مثلها فإنها تحل بإدخال الحشفة
بالعقد الصحيح بخلاف الغلام الصغير الذي لا يعرف لذة الجماع ولا يمكن لمثله
أن يجامع النساء . فإنه لا يحلل . والفرق بين الحالتين أن الغرض من وطء المطلقة ثلاثا
من زوج آخر إنما هو التنفير من إيقاع الطلاق بهذه الصورة . وهذا التنفير يحصل بمس الصغيرة وإدخال الحشفة فيها . ولا
يشترط أيضا ذوق العسيلة . بل المراد بها في حديث " حتى تذوقي عسيلته ويذوق عسيلتك
" نفس الوطء لأنه مظنة اللذة غالبا.
الشرط الرابع : أن يكون
الوطء في داخل الفرج . بحيث تغيب الحشفة فيما وراء
البكارة . بحيث لو كانت بكرا وأولج بدون أن يفضها ويزيل بكارتها فإنه لا يكفي
لأن المطلوب أن تغيب الحشفة فيما بعد البكارة وقيل : يكفي ذلك . فإذا وطئها في دبرها
فإنها لا تحل طبعا وكذا إذا أدخلت منيه بواسطة غير الإيلاج فإنها لا تحل به فإذا وطئها
مجبوب بأن ساحقها وأنزل منيه فيها فإنها لا تحل أما إذا وطئها خصي - وهو مقطوع الانثيين
- فإنها تحل.
الشرط الخامس : أن يكون
منتصبا فإذا لم يكن كذلك وأولج ذكره بأصبعه فإنها لا تحل ولا يشترط أن يكون
الانتشار كاملا كما لا يشترط أن يكون بدون حائل فلو وضع خرقة على ذكره وأولج فإنه يصح
ومن باب أولى إذا وضع كيسا رقيقا - كبودا - فإنه يصح به التحليل وكذا لا يشترط أن يكون
الوطء غير ممنوع بسبب حيض أو نفاس أو إحرام بالنسك . أو غير ذلك.
ولخلاصة لكل ما سبق نقول:
1. إذا كان الزواج من
المرأة المطلقة ثلاث بغرض
ونية تحليلها لزوجها الأول, فان عقد النكاح يعتبر صحيح (طبقاً للمذهب الحنفي والشافعي),
وتحل المرأة لزوجها
الأول لكن بشرط
ألا أن يُشترط التحليل "لفظا" في العقد وهذا عند الشافعية.
أما عند الحنفية فإن إشتراط التحليل في العقد هو فقط أمر مكروه, ومع ذلك فهي أيضاً
تحل لزوجها الأول بعد طلاقها من الزوج الثاني (المحلل).
2. من أهم شروط التحليل
عند كل الفقهاء هو الجماع والوطء في الفرج! فلا تحل المرأة المطلقة لزوجها الأول إن لم يمارس معها
الزوج الثاني الجنس ويشعر كل منها باللذة الجنسية! وإن كان الزوج الثاني
عاجز جنسياً ولا ينتصب ذكره, لم تحل المرأة لزوجها الأول بعد طلاقها من الأول.
3. يكون المحلل ملعون ومكروه فقط إذ ما اشترط أجر
او مال مقابه قيامه بتحليل المرأة المطلقة ثلاث لزوجها الأول أو اذ ما
اشترط التحليل في العقد. أما اذا كان المحلل يقوم بهذا العمل لوجه الله ومن اجل
الإصلاح بين الزوجين, فيكون اجره عند الله!
وبعد أن عرفت حقيقة زواج المحلل في الإسلام..
هل مازلت تصر أن يكون هذا التشريع وحي من عند الله..؟؟
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق