هذا السؤال يتكرر علي مسامعنا يومياً ويسأله
الكثيرين من المتهكمين من المسلمين إستناداً لما جاء في الإصحاح الخامس من سفر
الرؤيا ليوحنا اللاهوتي: "وَرَأَيْتُ فَإِذَا فِي وَسَطِ
الْعَرْشِ وَالْحَيَوَانَاتِ الأَرْبَعَةِ وَفِي وَسَطِ الشُّيُوخِ خَرُوفٌ قَائِمٌ
كَأَنَّهُ مَذْبُوحٌ، لَهُ سَبْعَةُ قُرُونٍ وَسَبْعُ أَعْيُنٍ، هِيَ سَبْعَةُ أَرْوَاحِ
اللهِ الْمُرْسَلَةُ إِلَى كُلِّ الأَرْضِ".
وأيضاً لما جاء في
الإصحاح السابع عشر من نفس السفر: "هؤُلاَءِ سَيُحَارِبُونَ
الْخَرُوفَ، وَالْخَرُوفُ يَغْلِبُهُمْ، لأَنَّهُ رَبُّ الأَرْبَابِ وَمَلِكُ الْمُلُوكِ،
وَالَّذِينَ مَعَهُ مَدْعُوُّونَ وَمُخْتَارُونَ وَمُؤْمِنُونَ".
والذي لا يدركه
المسلم إنه يأتي بهذة النصوص من سفر يُسمي بسفر "الرؤيا"!
فسفر الرؤيا (كما
هو واضح من الاسم) لا يتكلم إلا بالرموز ولا يقصد "الحرفية" علي
الإطلاق.
ولهذة الرموز ما
يفسرها ويشرحها في ضوء دراسة الكتاب المقدس ككل.
إذن لا يجوز
لأحد أن يفهم هذة النصوص فهماً حرفياً.
أما عن تشبيه
المسيح بالخروف فلا يعني أن المسيح قد تدني وأصبح مجرد "حيوان" لا عقل
أو إدراك له (حاشا لله) كما يظن أصحاب هذة الشبهة, ذلك لأن وجه الشبه في هذا
التشبيه هو أن المسيح قد مات كذبيحة عن البشر تماماً كما يُذبح الخروف ويُقدم
كذبيحة لله تكفرياً عن الذنوب.
وهنا أسأل صاحب
هذة الشبهة وأقول له: ماذا سيكون رد فعلك لو وصفك شخص ما وقال إنك كالأسد مثلاً..؟؟
هل ستغضب منه
لأنه شبهك بحيوان ام علي العكس ستشعر بالفخر من هذا التشبيه الذي يدل علي قوتك وشجاعتك..؟؟
أعتقد إنك لن
تغضب من وصفك بالأسد بالرغم من أن هذا الأسد ليس إلا مجرد "حيوان" وله "ذيل"!
إذن فوصف شخص
بالأسد ليس أمر فيه إهانه ولا يعني إنه قد اصبح "حيوان" ولكن يعني إنه يمتاز
بالقوة وإن كان الأمر غير ذلك فكيف مثلاً تطلقون علي شيخ من شيوخك لقب "أسد الإسلام"
أو "أسد السنة"..؟!
سيرد صاحب هذة
الشبهة ليقول إن وصف "الأسد" لا إشكال فيه طالما المقصود من هذا التشبيه
هو القوة. لكن أن يتم وصف الإله بالخروف فهذا لا يُعقل وفيه إهانه لله عز وجل.
أرد ببساطة
وأقول أن إلهنا الموصوف بـ"الخروف" أيضاً تم وصفه بـ "الأسد"
في نفس السفر والإصحاح!
فيقول القديس يوحنا
في سفر الرؤيا (الإصحاح الخامس, عدد 5): قفَالَ لِي وَاحِدٌ
مِنَ الشُّيُوخِ: «لاَ تَبْكِ. هُوَذَا قَدْ غَلَبَ الأَسَدُ الَّذِي مِنْ سِبْطِ يَهُوذَا،
أَصْلُ دَاوُدَ، لِيَفْتَحَ السِّفْرَ وَيَفُكَّ خُتُومَهُ السَّبْعَةَ».
وهذا الأسد هو
السيد المسيح نفسه. فهو الذي جاء من سبط يهوذا وشُبه بأسد رمزاً لأنه ملك. فسبط يهوذا
هو سبط داود الملك. والمسيح هو من سبط يهوذا بالجسد ولكنه أصل داود بلاهوته، أي أنه
بلاهوته هو خالق داود.
وسرّ دعوته أسدًا
ما يقوله القديس يوحنا الذهبي الفم: [ لقد أشار البطريرك يعقوب إلى الصليب، قائلاً
"جثا وربض كأسد، وكلبوة من ينهضه!" (تك 49: 9) فكما أن الأسد مرعِب لا في
يقظته فحسب بل وفي نومه، هكذا السيد المسيح مخوف لا قبل الصليب فقط بل وعلى الصليب
أيضًا. في لحظة الموت عينها كان مهوبًا... إذ صار الموت كلا شيء مبيدًا سلطانه ].
أما القديس كيرلس الأورشليمي فيقول: [ يُدعى أسدًا لا لكونه مفترسًا للبشر بل علامة ملكه
وثباته والثقة فيه. لقد دُعي أسدًا مقابل الأسد خصمنا الذي يزأر مفترسًا المنخدعين
منه... فبكونه الأسد القوي الخارج من سبط يهوذا ينقذ المؤمنين محطمًا العدو ].
يسوع المسيح.. أسد يهوذا وحمل الله |
إذن فهل كان المسيح
- حسب سفر الرؤيا - خروف ام أسد..؟؟
أقول إن المسيح –
له كل المجد – كان هو الخروف وأيضاً الأسد؛ فهو الخروف في تقديم نفسه ذبيحة على الصليب
وحمله لخطايانا, وهو أيضاً الأسد في قوته وملكه علينا وعلى كل الخليقة, فكان في
معركته مع الشيطان أسداً قوياً وأقوي هذة اللحظات هي لحظات موته علي الصليب حين
سحق رأس الشيطان بقوة دمه الطاهر.
هناك من هو في حالة
ضعف، حائرا أمام أعدائه الأقوياء، وهذا يحتاج للمسيح الأسد. وهناك من هو يائس من خطيته
شاعرا بثقلها فهو محتاج للمسيح الحمل.
إذن فإلهنا أسد في
قوته، خروف في محبته أحب البشر حتى الموت، موت الصليب..
أما المتهكمين
من المسلمين فيوما ماً (وهو ليس بعيداً) ستقفون أمام هذا الخروف, ملك الملوك ورب
الأرباب, الذي سيأتي ليدين المسكونة وستقدموا جزاءاً عن كل تجديف تفوهتم به!
هناك تعليق واحد:
إرسال تعليق