.
هل حقاً أن الرب أقام الأسقف ليكون رئيساً وملكاً للملوك والحكام بالمعنى الحرفى؟
.
إذا كان الأسقف ملك يملك على ملوك فمن إذاً يكون السيد المسيح الذى يطلق عليه ملك الملوك ؟
.
إذا كان الأسقف هو الراعى الصالح فمن إذاً يكون السيد المسيح؟
.
هذه المقالة ليست هجوماً على أحد بقدر ما هو فائدة للقراء الأعزاء وتنشيط الفكر حول الدسقولية وكل جملة هنا بالدليل والبرهان . ذكر نيافة الأنبا دانيال أن الدسقولية ذكرت أن الله أقام الأسقف ليكون رئيساً لملوك وحكام. والنص الأصلى بالدسقولية ص 37 - 38 يقول : " لأجل هذا يا أسقف أقم نفسك طاهراً فى كل افعالك , وأعرف منزلتك ورتبتك , فإنك الراعى الصالح بين الناس ( مثال الله فى الناموس ) فإنك ترائست على جميع الناس , الملوك والرؤساء والكهنة وألاباء والأولاد والمعلمين , وكل من فى طاعتك , فإجلس فى الكنيسة وبشر بالكلمة إذ لك سلطان لتدين الخطاة لأنكم أنتم الأساقفة الذى قال لكم الرب : ما أحللتموه على الأرض .. ( مت 18 : 18 ).
.
إعتمدت الكنيسة القبطية خط التفسير المجازى للكتاب المقدس منذ تبنى العلامة أوريجانوس لهذا الخط وربما قبله لها عملأ بالقول " الحرف يقتل " والتفسير التالى هو تفسير مجازى , فالنص السابق فيما يبدوا به أخطاء روحية ولاهوتية وتاريخية , فى هذا المقطع يربط طهارة الأسقف مع منزلته بين الناس , وحدد المكان ! فى الكنيسة ! وبين شعبه فقط , ولماذا ؟ لأنه يرشد الخطاة سواء أكان ملكاً أو حاكماً ويبشرهم .. لأن طهارة الأسقف كفضيلة وصل إليها تجعل رتبته أعلى من رتبة هؤلاء الملوك الذين سقطوا فى الخطية وتبشيره لهم يميزه عنهم بمعرفة الكلمة الإلهية , ولكن خارج الكنيسة الملك له وظيفته أى أنه ملك ويملك على الشعب ويصبح الأسقف من رعايا الملك أى من شعبه أى أن الملك يملك عليه ..
.
وقد أدعى النص السابق أن الأسقف هو الراعى الصالح فى الوقت الذى يقول فيه الأنجيل أن الراعى الصالح هو واحد فقط وهو المسيح ومن المستحيل أن يكون أحد من البشر حتى ولو كان أسقفاً مثال الله فى الناموس لأمر بسيط أنه لا يوجد عندنا نحن الأقباط الأرثوذكس عصمة للبابا أو للأسقف فالسيد المسيح وحده هو الذى بلا خطية وإعتقادى الشخصى وربما أكون مخطئاً أن هذه العبارة تخص بابا روما , فويل للشعب إذا إعتقد أسقفه أنه ملكاً وراح يتصرف كأنه ملك فماذا يفعل مثلاً فى عشور الفقراء من أبناء شعبه التى قد يقتطعها البعض من قوت يومه ؟ وهناك إنعكسات أخرى خطيرة روحية وإدارية تدور حول هذا الإعتقاد الملكى للأسقف لأنه لن يهمه خلاص الناس بقدر أنه يهمه تنمية الذات الملكية فى وضعه الرئاسى - هذا تفسيرى الشخصى .. وعموماً ..
.
ماهى الدسقولية ؟
يقال أنها قوانين الرسل .. والدسقولية تشمل 28 باباً وتختص بعمل كل رتب الأكليروس , وبناء الكنائس , والقداس الإلهى , وخدمة الأرامل والأيتام والشماسات والعلمانيين , وفيها تعاليم عن الصوم والتناول والتسبيح وأوقات الصلاة. أما قوانين الرسل فهى 127 قانوناً نشرتها Potrologia Orientalis فى كتابين ولخصها القديس Hippolytus فى مجموعته التتى تسمى بالعربية " قوانين أبوليدس " كما أرسلت على يد أكلمندس الرومانى , وسميت فى بعض المجموعات قوانين أكلمندس .
.
وقد قرأت الدسقولية فى حداثتى ولم أكن مقتنعاً تماماً أنها قوانين الرسل لهذا جعلت الدسقولية فى التاريخ الذى أقوم بكتابته آخر مصدراً من مصادر قوانين الكنيسة وقد أشرت أن الكنيسة القبطية تعتبر الدسقولية ثانى مصدر من مصادر قوانينها , ولكن فيما يبدوا أن الدسقولية تغيرت معناها نتيجة الترجمة والنقل وعدم التدقيق من قبل نساخها كما أن أصولها مفقودة , وأيضاً يوجد إختلافات فى نسخها فى اللغات المختلفة فقد قرأت المقطع السابق فى النسخة الإنجليزية ووجدت أختلافات بسيطة ! لهذا نجد أن الكثير من عباراتها لا ترتقى لأن تكون قوانين الرسل , كما نحس أنها بعيده فى تركيب الجمل عن لغة الرسل التى نقرأها فى الكتاب المقدس , كما وضح خطأ تاريخى من قراءة النص السابق الذى أستعار نيافة الحبر الجليل الأنبا دانيال جملته منها , أن النص يتكلم عن ملوك مسيحيين ولكن فى عصر الرسل لم يكن هناك ملوكاً مسيحيين , وعموماً الدسقولية مجرد قوانين ولكنه ليس كتاباً موحى به ينبغى الإلتزام به .
.
وهناك أسباب تحذر من أستخدام الدسقولية كمرجع رئيسى والغريب عزيزى القارئ أن هذه الأسباب تقرأها فى مقدمة الطبعة الأولى والثانية فى كتاب الدسقولية أو تعاليم الرسل ( الطبعة العربية والمعتمدة من الكنيسة القبطية ) - مكتبة المحبة تعريب القمص مرقس داود 1979 م - طبع بشركة هارمونى للطباعة والمقدمة كتبها حافظ داود فى 20/ 3/ 1940 م وفيما يلى هذه الأسباب ألخصها لك واكرر أنها وردت فى مقدمة كتاب الدسقولية أو تعاليم الرسل المعتمد من الكنيسة القبطية - تعريب القمص مرقس داود إصدار مكتبة المحبة وبها الأسباب التالية : -
.
+ يظن بعض العلماء ان الدسقولية أو تعاليم الرسل كتبت في نهاية القرن الثالث وهى مجهولة الأصل , ومكان ظهور الدسقولية مجهول تماما , ويرجح انها ظهرت في سوريا - الدسقولية السريانية : كُتبت في شمال سوريا حوالي سنة 250م.
.
+ الدسقولية أو تعاليم الرسل نسخة يونانية ( وهي بحسب ما يظن الأصل ) واثيوبية وقبطية وترجمة لاتينية (مفقود نصف ما في اليونانية فيها).
.
+ الكثير من أجزاء الدسقولية أو تعاليم الرسل مفقود في الأصل اليوناني 22, 23 , 28 , 29 , 34 الي 39.
.
+ تنسب الدسقولية الي اكليمندس بابا روما ويظن الكثير من دارسي المخطوطات انها لانسان ذو اصول يهودية مجهول علي علم بالطب.
.
+ ترجمة الدسقولية الاولي للعربية ترجمة ضعيفة جدا جدا فعلي ما يبدو انها ترجمت في عصور ضعف اللغة.
.
+ الدسقولية أو تعاليم الرسل بها الكثير من الجمل الغامضة والغير مفهومة وبعض تعليقات الحواشي
.
+ الدسقولية هي ترتيب كنسي لعصر معين كانت المسيحية منتشرة فيه كما يبدوا ومستقرة وسار عليه البعض في العصور القديمة كدستور للكنيسة ولكنها ليست مصدر استنباط عقيدة لأن مصدر العقيدة هو فقط الكتاب المقدس تجليه بعض كتابات الآباء فان خالفتها كتابات الآباء ترفض الكتابات ويبقي علي ما في الكتابات من صحة.
.
+ الدسقولية ليست موحي بها فشأنها شأن كتابات بعض الآباء تقبل النقد والرد والاعتراض وان وصل الأمر الي الحذف كليا إذا خالف النص الآبائي الكتاب.
.
+ يجب أن تعامل الدسقولية في الكنيسة معاملة كتابات بعض الآباء امثال ترتليان واوريجانوس, فيؤخذ الصحيح منها ويستخدم في التعليم ويهمل الخطأ فيها لانها ليست وحي الهي.
.
+ في النسخ الاولي للدسقولية اليونانية والاثيوبية والقبطية واللاتينية هناك اختلافات كثيرة في اللفظ والمعني.
.
+ تحتاج الدسقولية الي كثير من التنقيح والمراجعة لمقارنة النصوص والوقوف فيها علي ما يوافق الكتاب من جهة وما يخالفه من جهة أخري.
.
+ يرجح الكثير من العلماء الغربيين ان المصادر التي استقت منها الدسقولية تعاليمها هي بعض كتب التراث اليهودي, الديداكي, كتاب هرماس(الراعي) , كتابات ايريناؤس , انجيل بطرس المنحول , اعمال بولس وهي كما يتضح الكثير منها منحول.
.
ملاحظة : وللأسف توجد بعض الكتب تذكر أن الدسقولية هى المرجع الثاني لقوانين الكنيسة ولهذا يستخدمها المسلمين كحجة علينا وعلى المسيحية ولكن المرجع الثاني ككل هو قوانين المجامع التى لها أصول وكذلك التقليد الرسولي , والأغرب من ذلك انه في بعض المنتديات الاسلامية حاليا يأخذونها كمرجع لنقد المسيحية بل أنهم يقدمون كتاب الدسقولية بالكامل للتحميل وحفظه على الكمبيوتر ليقوم المسلمون بقرائته والهجوم على المسيحية , ونقول للأخوة المسلمين أن : الدسقولية ليست من الكتب الموحى بها كما أنه ليس حجة علي المسيحية , بل الإنجيل الموحى به هو الحجة علي الدسقولية وعلي كل كتابات الآباء لاثبات صحتها وعلاقتها به , والكنيسة القبطية ليست ملتزمة بكل ما جاء بالدسقولية , لأنها مجرد قوانيين وضعت وسارت عليها الكنائس فترة من الزمن والقوانين الموضوعة ممكن تتغير من مكان لآخر ومن زمان لآخر لأنها ليست موحى بها وآباء الكنيسة فى يدهم سلطان " الحل والربط ما أحللتموه على الأرض .. ( مت 18 : 18 ).
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق