مفهوم الوحي بين الإسلام والمسيحية

هل الكتاب المقدس هو كتاب موحي به من الله ..؟!

.

وكيف لكتاب مكتوب بواسطة البشر أن يكون وحي من الله ..؟!

.

وما هو الوحي الإلهي في المسيحية ..؟!

.

وهل مفهوم الوحي في المسيحية يختلف

عن مفهومه في الإسلام .. ؟!

.

مفهوم الوحي في المسيحية يختلف كثيراً عن المفهوم الإسلامي. ففي الإسلام نجد أن الوحي الإلهي محفوظ منذ الأزل في "اللوح المحفوظ". ففي سورة البروج مثلاً آية 21 - 22 تقول: "بل هو قـرآن مجيد في لوح محفوظ" وأيضاً في سورة العلق آية 1 تقول: "أقرأ باسم ربك الذي خلق.." أي أن دور النبي "محمد" كان ينحصر فقط في قراءة الكلام المكتوب منذ الأزل.

.

.

ولكن في المسيحية فالأمر مختلف كما سبق وذكرنا, فقد ورد في رسالة معلمنا بطرس الثانية الإصحاح الأول والآية 21 التي تقول: "لأنه لم تأت نبوة قط بمشيئة إنسان بل تكلم أُناس الله القديسين مسوقين من الروح القدس", وهنا لاحظ عبارة "مسوقين من الروح القدس" وتأملها جيداً. فالوحي الإلهي في المفهوم المسيحي يختلف كثيراً عن المفهوم الإسلامي لأن الوحي في المسيحية يتم من خلال الروح القدس. وهذا الروح القدس هو في الحقيقة روح الله القدوس الذي يقود أنبياء الله ورسله القديسين وهو الذي ينير قلوبهم ويفتح عقولهم وهو الذي يرشدهم ويوحي إلي أذهانهم بكل الأفكار والمعاني الإلهية المقدسة التي يريد الله إيصالها إلي كل البشرية, فيعبرون عن تلك الأفكار وغيرها من الوصايا والتعاليم الإلهية من خلال كتابتهم البشرية "المسوقة" من الروح القدس.

.

لذلك يمكننا القول بكل صراحة ووضوح أن كتابنا المقدس هو وحي إلهي وكتاب من الله. والدليل علي ذلك هو الكتاب المقدس نفسه, ففي رسالة بولس الرسول إلى تيموثاوس الثانية (2 تيمو 3 : 16) يقول: "كل الكتاب هو موحى به من الله". أي أنه بالرغم من أن تدوين الكتاب المقدس تم من خلال البشر كالأنبياء والرسل إلا أن كل كلمة وحرف من هذا الكتاب هي في الواقع وحي من الله. والوحي الإلهي في المسيحية يمكن تحديد معناه بأنه كلام الله المعلن بالروح القدس لإنسان معين اختاره الله ليكون نبياً أو رسولاً له. ووحي الروح القدس يحدث عندما يتصل الأنبياء والرسل بالله اتصالا روحياً ومن هنا يصبح فكرهم مسلم كلية إلي الله فينقلون لنا الفكر الإلهي ويعبرون عنه بكلماتهم وتعبيراتهم الإنسانية. والتعبير الإنساني في هذة الحالة يكون محفوظاً تماماً من أي خطأ بشري لأن روح الله المهيمن والمسيطر على حياة الإنسان سواء كان نبياً أو رسولاً يضبط كلماته وألفاظه وتعبيراته التي يكتب بها عن الفكر الإلهي ويجعلها تتفق تماماً مع المشيئة الإلهية. وبهذا تنتقل الرسالة الإلهية إلينا بكل دقة وسلامة بواسطة الروح القدس الذي يقود عقل وفكر وروح هؤلاء الأنبياء والرسل, فتخرج أسفارهم وبشارتهم ورسائلهم المقدسة إلي كل العالم بالضبط كما أراد الله وبدون أن يكون فيها أي نقص أو إضافة أو تبديل أو تغيير أو تحريف أو تشويه أو نسيان أو أي خطأ بشري كان.