ليس الهدف من الموقع الإساءة الشخصية للمسلم أو السخرية من عقيدته.. هدفنا هو الحوار الموضوعي القائم علي إستخدام الأدلة العقلية بطريقة حيادية ومحترمة

16 أبريل 2009

تأملات في بستان جسثيماني

في بستان جسثيماني ..*

.

.

شهد بستان جسثيماني اللحظات الوداعية الأخيرة بين يسوع وتلاميذه, وهذا البستان هو ذلك المكان حيث أمضي يسوع ليلته الأخيرة في مجاهدة وصلاة. وكم أثرت ساعة الجسثيماني في نفس كل قاريء خاشع, وانفعل بها كل قلب حزين وكل نفس متألمة! وهنا في غمرة الهدوء الشامل, لم يسمع يسوع من حوله أي صوت سوي همس الريح لأغصان الزيتون وهي ترقب آلام قلبه الموجعة. وفي وحدته القاسية تساقطت تحت قدميه الأوراق الذابلة لتقدم عزاء الطبيعة لنفس كانت حزينة حتي الموت!

.

نام التلاميذ واستراحوا, غلبهم التعب والحزن علي أمرهم, فاستسلموا لضعف الطبيعة البشرية. أما لهيب صلاة المسيح وتضرعاته, وأنينه الخافت الموجع, فقد امتلأ بها الليل الكبير الواسع, وحملها إلي الاّب ملاك نزل من السماء لحظة ليقويه وقتما كان يشرب كأسه وحيدا, ويدوس معصرته ويصطبغ بصبغة دموية قانية!

.

ومن ناحية أورشليم النائمة, حبيبته وقاتلته, حملت الرياح إليه أصوات الجمهور الكئيب مقبلاً عليه. تفكروا بالباطل, وقاموا معاً علي مسيح الرب, ليلقوا عليه أيادي الظلم, مؤامرة الأشرار, طريق الخطاة, ومجلس المستهزئين, فقد كانت هذة ساعتهم وسلطان الظلمة.

.

وفي النور المشرق من بدر الفصح في علاه, وعلي ضوء مشاعلهم, أبصر الرب وجوه الخزي وعرفها. أبصر الوجوه القبيحة والقسمات الغليظة والسواعد العنيفة. أبصر رجالاً هو مُزمع أن يموت من أجلهم, مصالحاً وفادياُ ومُخلصاً ليغفر لهم الزلات والآثام, ولا يعود يذكر تعدياتهم, واحتيالهم الدنيء لموته!

.

وفي النصف الأول من الجماعة, وجد واحداً يعرفه تمام المعرفة. في المقدمة صاحب, قسماته معروفة وملامحه محفوظة, فلماذا جئت يا صاحب هذة الساعة المظلمة؟ لماذا اخترت رفقة هذة الجماعة الظالمة بدلا من رفقته؟ ومن أين أنت قادم وإلي أين نهاية المسير؟ ما الذي احتواه قلبك وأي شيء لامع قبضته يداك؟ في خطواتك تردد وخذلان, وساقاك ترتجفان, وفي عينك بريق جشع ولمعان مشين!!

.

كل الخطاة غُفرت لهم خطاياهم, كل هذا الجمع سامحه يسوع لأنهم فعلوا بجهل في عدم معرفة, فلو عرفوا لما صلبوا رب المجد. أما أنت يا صاحبي, يا رجل سلامتي وأمانتي, يا آكل خبزي, فكان خيراً لك لو لم تولد! الويل ليهوذا الإسخريوطي!!. فإن كل التجاديف والإساءات غُفرت إلا خطيئته المميتة, لأنه كان يعرف يسوع معرفة اليقين, ابن الله الوحيد الحبيب.

.

ثلاث سنوات تتبعه يا صاحب, وكم كانت رفقته رقيقة أيها التلميذ المتمرد؟ ولكن ليس خفي لن يُعرف ولا مكتوم لن يُستعلن. فأن الحسد والخيانة والجحود كشفت عن نفسها بعد أن ظلت مستترة فيك ثلاثة أعوام, حين خرجت من وليمة بيت عنيا إلي جماعة المتآمرين علي نفس يسوع البريئة. ساومتهم مساومة وضيعه علي نفسه, طلبت أكثر فطلبوا أقل! تارة بالإغراء, وتارة بالوعيد, وفي النهاية تمت المشورة برضا الجانبين, بثلاثين من الفضة ثمن المثمن الذي الذي باعوه, ملك الملوك!

.

جُرحت يا حبيبي .. جرحت بيد واحد من مختاريك, رجل أمانتك رفع عليك عقبه. وحين اشتهيت في ذلك المساء أن تأكل الفصح مع الذين أحببتهم إلي المنتهي, أجلسته إلي جوارك وسمع أنينك الخافت المتوجع وأنت تنطق عبارة الحزن العميق "الحق أقول لكم أن واحد منكم سيسلمني". وكسرت الخبز وباركت, ملأت الكأس وشكرت, وقدمت له أيضاً فلم يتراجع أو يلين!

.

ولما ائتزر يسوع بالمنشفة وصب الماء في المغسل وغسل أرجل تلاميذه, كانت منها قدمان أزمعتا السير في وحل الجحود والخيانة. وفي النهاية غمس يسوع اللقمة في الصحفة وأعطاها ليهوذا. والتقت عينا الرب الصافيتان الدامعتان بنظرات الخيانة والسقوط, فتمتمت الشفتان المرتعشتان "هل هو أنا يا معلم"؟ وجاءت كلمة الحق الصريح "أنت قلت".

.

وأغلق القلب في وجه النعمة إغلاقا أخيراً, وللوقت دخله الشيطان. قام عن العشاء وخرج ليلا في طريق معلوم, وكلمات يسوع تصم أذنيه كالرعد القاصف "ما أنت فاعله فأفعله بأكثر سرعة". وفي البستان الباكي, جاء الصاحب علي راس الجماعة! وتقدم إلي يسوع وقبله قبلة صارت مثلا في الخيانة والجحود, ونادي متعلماً "سيدي, يا معلم". ولكنه من تلك الساعة لم يعد لك يا يهوذا سيداً أو معلماً. قيدوه وأوثقوه أمامك, لعنوه ولطموه قدامك, وكأنما علي لص خرجوا عليه بالسيوف والعصي!

.

يا يهوذا قد كتبت صفحة دينونتك بأناملك, فإن الخطية والثلاثون من الفضة ألهبت كفيك نار جحيم دينون لا تتوني المميتة تحمل معها بذرة قصاصها. القبلة الغاشة أحرقت شفتيك, هلاك لا ينغس, نار لا تُطفأ, ودود لا يموت! والصرخة المعذبة في فمك "إني أسلمت دماً بريئاً"!!

.

وفي الصباح الباكر كان يسوع خارجا حاملاً صليبه, وكان يهوذا معلقاً بين السماء والأرض! تلك خاتمة مأساة نفس مدانة, وحياة محزنة تركت طابعها المفجع في كل الأجيال. سقطت عنه رتبته وأُعطيت لأخر, وحصد اللعنة والهلاك, وله اسم الخزي إلي الأبد "يهوذا الإسخريوطي الذي أسلمه"!

.

* من كتاب "الوقت المقبول" للدكتور نجيب عازر بسطوروس

الجزء الثاني - إغسطس 1962

هناك 4 تعليقات:

Unknown يقول...

عزيزي انت بتنشر موضوعات كتير ورا بعضها وكلها تحتاج قراءة حاول تسيب فترة بين كل بوست والتاني
تحياتى والى الامام

SERVANT OF JC يقول...

العزيز ميدوس ..

أشكرك كثيراً علي إهتمامك بتصفح هذة المدونة المتواضعة .. وأتمني أن أقرأ تعليقاتك وأرائك عن ما يُنشر فيها.

صديقي العزيز .. أطلب منك أن تلتمس لي العذر لو كنت تري إني أنشر مواضيع كثيرة عن السيد المسيح. فالحديث عن شخص يسوع المسيح والتأمل في حبه الغير متناهي للبشرية والذي تمثل في لحظة موته علي الصليب وفدائه لنا نحن البشر من أجل خلاصنا هو أمر لن تستطع كل كتب العالم ان تتسع لها!

كم أتمني لكل البشر أن يدركوا أن يسوع المسيح - الذي يسخرون منه ويرفضون الإيمان به - قد تعذب وتألم من أجلهم .. وأن هذا المسيح قد مات وقام من الأموات من أجل أن يخلص نفوسهم ويمنحهم الحياة الأبدية معه في ملكوت السموات...

أناأريد لكل الناس أن يعرفوا السيد المسيح عن قرب .. وأن يقرأوا عن تعاليمه في الإنجيل المقدس وأن يتأملوا عظم محبته للبشر وتضحياته وموته من أجلهم!

عوف الأصيل يقول...

يالا الأسف فكثير من المسيحيين الآن أصبحوا مثل يهوذا ،قد أصبحوا منقاديين وراء تعظيم دالة منفعتهم فقط ،و إهمال أي إعتبارات أخرى !

و تتجلى رحمة الفادي المخلص لكل البشر ،بمقولته على الصليب :-

إغفر لهم يا أبتاه فإنهم لا يعرفون ماذا يفعلون ؟

هذه العبارة و في هذا الموقف ،تدل على أن من قالها طبيعته تختلف عن باقي البشر ،فهو يطلب المغفرة لليهود على صلبهم له ،و هذا يدل على أن ربنا رحيم بكل البشر مهما كان دينهم و مهما فعلوا ،فهي رسالة محبه حقيقية لكل العالم ************.

احساس لسه حى يقول...

عزيزى
معلش انت بتنشر موضوعات وانا لسه احب اتكلم عن سؤالى وارد على اجابتك

انا بقول راى بس عن الحوار فى الاديان بس بدل انت عامل المدونه متخصصه لكده اوك انت حر

اول حاجه

ويقيم الرب إلهك نبيا من وسطك من اخوتك مثلي له تسمعون. أقيم لهم نبيا من وسط اخوتهم مثلك واجعل كلامي في فمه، فيكلمهم بكل ما أوصيه به"

مش عارف الاجابة مش وضحالى الكلام ده فى التوراه اليهودية وانت اخترت كلمة من وسطك وبتقولهالى بس انا بسألك عن اخوتك

انت بتقولى الكلمة دى موجهه الى قوم موسى الذين هم شعب بنى اسرائيل

يعنى اخوانك دى لازم تكون مش لشعب اسرائيل لان لو منهم مكنش قال اخوانك خالص كان قال وسطك منكم

والكلام واضح

أقيم لهم نبيا من وسط اخوتهم مثلك واجعل كلامي في فمه،

يعنى زى ما انتى فى بنى اسرائيل هقيم نبى زيك فى وسط اخوتهم

بجد مش قادر اتصور اخواتهم دى لبنى اسرائيل نفسهم

ثانيا

ما انت بتقول الكتاب المقدس مش بيعتبر وانا مش بعترف بكل اللى فى الكتاب المقدس بس العقل والكتاب المقدس برضوا قايل ان نسل اسماعيل اخوانهم

يعنى الحقيقه لو مش موجوده فى الكتاب المقدس الغيها ومصدقاش

انت نفسك عارف ان نسل اسماعيل اخوان اليهود ولا لا

بلاش انت لو جبنا واحد هندوسى وعارف ان اسماعيل اخ لاسحاق هيقول نسل ده اخو ده يبقى ازاى كتاب مقدس يلغى حقيقه شرعية هو كان ابن سفاح ولا حاجه تمنع انهم يكونوا اخوة


اما المسلمون اخوة لبعضهم لبعض ما ده يؤكد كلامى وزى ما بنى اسرائيل واليهود اخوة بعضهم لبعض دلوقتى لان النسل بعد عن ايام الكتاب المقدس وجاء كتاب جديد هو القرأن

اخر حاجه

ان بتقول ان المسيح مش نبى ومرسل بس ده ابن الله العلى وكلمة الله المتجسد والاله المخلص والرب الفادى

شوف لو هو الرب الفادى وابن الله العلى يبقى مينفع يكون رسول ونبى

المنزله دى اعلى من الانبياء والرسل والرب الفادى وابن الله شئ اكيد من الازل ازاى بقه فى زمن معين انزل من منزلته واخليه رسول

اى نبى فى الدنيا كان انسان عادى نوعا ما وعليت منزلته بالنبوة

ازاى الرب ينزل لمنزلة الرسل

حتى لو كان فى رسالة جى بيها وهو بنفسه اللى هيعرضها على الناس هيجى بصفته كرب مش هينزل لدرجة اقل من كونه

يا ريت اكون عرفت اوصلك فكرتى وكلامى

وياريت لما توضحلى كلام استخدم لغة العقل والعامية السلسة ومتقوليش الكتاب المقدس يقصد كده وبيعتبر كده

لان اى شئ بيعتبره الكتاب المقدس خارج المنطق العقلى هقول عليه ده محرف لانه غير واقعى حتى للعقل

طولت عليك

سلام

Related Posts with Thumbnails