ليس الهدف من الموقع الإساءة الشخصية للمسلم أو السخرية من عقيدته.. هدفنا هو الحوار الموضوعي القائم علي إستخدام الأدلة العقلية بطريقة حيادية ومحترمة

9 أبريل 2009

مناظرات إسلامية مسيحية - المناظرة (2)

عنوان المناظرة:

.

هل العقيدة المسيحية جاءت "لتنسخ" الديانة اليهودية..؟


استكمالاً لسلسة المناظرات الإسلامية – المسيحية, تتحدث الأخت الفاضلة "حجر كريم" عن نسخ العقيدة المسيحية للديانة اليهودية, فتقول:

أما مسألة الناسخ والمنسوخ..

إذن لماذا جاء سيدنا عيسى..؟ أنت قلت ليكمل.. إذن هناك نقص ! فجاء ليكمله فنسخ ما نقص منها من تعاليم وأكملها بالإنجيل.. هذا كان قصدي.. وأعتقد أننا متفقين في هذه النقطة.

الرد والتعليق:

.

الأخت الفاضلة "حجر كريم"...

مرحبا بك مرة أخري ..

.

للأسف لا .. لا أظن إننا متفقين في هذة النقطة بالتحديد!

.

فأنت تقولين في ردك السابق أن المسيحية جاءت لتنسخ اليهودية. والحقيقة يا أختي الفاضلة أن كلمة الناسخ والمنسوخ غير مذكورة علي الإطلاق لا في التوراة (العهد القديم) ولا في الإنجيل (العهد الجديد). فالنسخ أو "الناسخ والمنسوخ" هي في الحقيقة مصطلحات خاصة بالقراّن وحده. وقبل أن نتحدث عن مفهوم "النسخ", علينا أن نفهم أولاً ماذا يعني هذا المصطلح القرآني.. ؟ يمكننا الإجابة علي هذا السؤال من خلال قراءة بعض الآيات القرآنية. فمثلاً في أية البقرة 106 يقول الله عز وجل: "وما ننسخ من آية أو ننسها نأتي بأحسن منها أو مثلها". وأيضاً في سورة النمل 101 يقول تعالي: "وإذا بدلنا آية مكان آية والله يعلم بما ينزل قالوا إنما أنت مفترى بل أكثرهم لا يعلمون". إذن معني النسخ هنا طبقاً للقراّن الكريم هو "التغيير والتبديل" أي تبديل أية مكان آية أو الإتيان بآية جديدة مكان الآية المفقودة أو تبديل حكم آية بحكم آية أخري. والقراّن الكريم حافل بعدد كبير جداً من الآيات المنسوخة وقد قسم علماء الناسخ والمنسوخ الآيات المنسوخة إلى ثلاثة أنواع سنذكرهم باختصار شديد.

.

1- ما نُسـخ حــرفه وبقى حكمه: والحرف هنا بمعنى الكتابة أي أن الآية غير موجودة ولكن حكمها موجود رغم عدم وجودها والدليل على ذلك آية الرجم للزاني والزانية.

.

2- ما نُسخ حـكمه وبقى حرفه: ويوجد في القرآن 550 آية بهذا الشكل ولكنها غير سارية المفعول وسنضرب مثلاً واحد باختصار وهو الآية الخامسة في سورة التوبة والتي نسخت ولغت حكم 124 آية قرآنية وهذا ما كتب في كتاب "الناسخ والمنسوخ" للكاتب "أبو جعفر النحاس".

.

3- وما نسخ حرفه ونسخ حكمه: طبقاً لكتاب "جمال الدين الجوزى" في كتاب "نواسخ القرآن" صفحة 33 الذي يقول فيه: "أن أحد الصحابة قام ليلاً وحاول يتذكر آية قد قالها النبي أنها أُنزلت عليه فلم يتذكر منها إلا بسم الله الرحمن الرحيم.. فأتجه صباحاً إلى النبي ليسأله عن الآية فوجد قوم كثير من الناس أيضاً فسألهم عما مجمتعون فقال نسينا آية قد قالها النبى بالأمس مثله تماماً واجتمعوا جميعاً ليسالوا النبى ويقول الكاتب أن النبى قضى من الوقت ساعة كاملة لا يجيب لأنه حاول أن يتذكرها وبعد ساعة من الصمت قال لهم لقد نسخها الله البارحة. ومن هنا نلاحظ أن الآية التي قالها الرسول ألغيت من الكتاب والأحكام أيضاً.

.

هذا عن مفهوم النسخ في القراّن الكريم. أما عن كتابنا المقدس, فهو لم يذكر نهائياً أن آية من العهد الجديد قد نسخت آية أخري من العهد القديم أو بدلتها أو غيرتها أو أتت مكانها. بل بالعكس من هذا, نجد أن كتابي العهد القديم والجديد متوافقان فيما بينهما في ترتيب منطقي للأحداث التاريخية والأحكام والعهود الإلهية. وهذا التوافق يظهر بصورة رائعة حينما تنطبق نبوات العهد القديم علي شخص السيد المسيح الذي وُلد من إمرأة عذراء ورُفض من شعبه اليهودي وتألم وقتل ومات وقام من الأموات في اليوم الثالث. فكل أحداث حياة السيد المسيح بداية من مولده حتي صلبه وموته وقيامته تتوافق مع نبوات أنبياء العهد القديم. إذن لا تعارض بين الكتابين إطلاقاً. ومن يقرأ الكتاب المقدس, سيجد أن كتابي العهد القديم والجديد مرتبطان ببعضهم البعض. فكتاب العهد القديم يضع الأساس للتعاليم والأحداث الموجودة في العهد الجديد. والكتاب المقدس هو وحى تدريجي. فإن تجاهلتي قراءة الجزء الأول من أي كتاب, فستجدي أنه من الصعب أن تفهمي كل الشخصيات الموجودة في الكتاب والقصة ونهايتها. فيمكن استيعاب ما هو موجود في العهد الجديد عندما نتعامل معه كتكملة للأحداث والشخصيات والقوانين والأنظمة والعهود والوعود الموجودة في العهد القديم.

.

أما عن الشرائع اليهودية التي كان يمارسها اليهود كتقديم الأضاحي والذبائح, فالعهد القديم يصف نظام التضحية بأنه نظام مؤقت منحه الله لشعب إسرائيل لتغطية خطاياهم. والعهد الجديد يوضح أن هذا النظام كان "تمهيداً" لتضحية المسيح الذي من خلاله وحده الخلاص (أعمال الرسل 12:4 وعبرانيين 10 : 4-10). العهد القديم يصف انفصال الإنسان عن الله كنتيجة للخطية (تكوين 3)، أما العهد الجديد فيصف قدرة الإنسان على استرداد علاقته مع الله (رومية 3-6). وبالرغم من أن العهد الجديد يعطينا صورة "أوضح"، فإن العهد القديم مازال مهماً. إذ أنه يضع الأساس للعهد الجديد، فمن غير العهد القديم لا يكون لنا أساس أو قاعدة نرتكز عليها وما كنا صدقنا ما يقال عن تطور الخليقة لملايين السنوات وما كنا نعرف شيئاً عن الخالق الذي خلق السماء والأرض والنبات والحيوان والإنسان.

.

وهنا نقول بكل وضوح أن العقيدة المسيحية لم تأتي لتنسخ (طبقاً للمفهوم القرآني) التوراة أو لتناقض الديانة اليهودية بالمعني الذي أنت تعتقدين فيه, وقد سبق وشرحت هذا في المناظرة السابقة فالسيد المسيح لم يأتي لينقض الشريعة اليهودية أو (ينسخها كما تدعي) وقد أكد المسيح هذا بكل وضوح عندما قال: "ما جئت لأنقض (الناموس أو الشريعة) بل لأكمل". ولكن لا أدري يا أختي الكريمة لماذا تصرين علي القول بأن المسيح قد نسخ الديانة اليهودية والمسيح نفسه يقول ويؤكد في الكتاب المقدس إنه لم يأتي لينقض أو لينسخ اليهودية.. بل ليكملها.. ؟! وإذا كان السيد المسيح قد نسخ الديانة اليهودية, فكيف نأتي نحن المسيحيون بعد ذلك ونؤمن بكتب وأسفار هذة الشريعة اليهودية ونعتبرها جزء لا يتجزأ من كتابنا المقدس.. ؟!

.

أما عن السؤال الأخر الذي يتعلق بالشريعة اليهودية وهل كانت هذة الشريعة ناقصة حينما قال المسيح إنه جاء ليكملها.. ؟! في الحقيقة أن قول المسيح ما جئت لأنقض الشريعة بل لأكملها يعني – في اعتقادي الشخصي – أن المسيح جاء أولاً ليتمم نبوءات أنبياء التوراة (أو العهد القديم) الذين تنبؤا عن مجيء السيد المسيح ليكون مخلصاً للعالم. فنحن نؤمن بأن كتاب التوراة اليهودي (أو ما نحن نسميه العهد القديم) لم يكن "ناقصاً" كما تقولي بل كان بمعني أصح وأدق مجرد "تمهيد" لمجيء السيد المسيح. فأسفار العهد القديم التي كتبها الأنبياء بوحي من الله تشهد لمجيء المسيح, وهناك الكثير والكثير من النبوءات الموجودة في أسفار اليهودية مثل تلك الخاصة بحياته يسوع المسيح كولادته من سيدة عذراء أو تلك المتعلقة بفدائه كصلبه وجلده وتعذيبه وموته وقيامته من الأموات بعد ثلاث أيام وخلاصه للبشرية وإلي غير ذلك.

.

وإذا أردنا أن نفهم مغزى قوانين الشريعة اليهودية قبل مجيء السيد المسيح فيمكنا أن نعتبرها تدريب للإنسان لتنفيذ وصايا الله. فكانت الوصايا العشر المعروفة لدينا؛ والوصايا العشر هي تلك القوانين التي أعطاها الله لشعب إسرائيل اليهودي بعد الخروج من أرض مصر مثل: "لا يكن لك ألهه أخري غير الله – لا تقتل – لا تزني – لا تسرق – لا تشهد شهادة زور".. إلخ. ومثال بسيط للتشبيه: لنفترض أن شخص ما يريد أن يمارس رياضة القفز فوق الحواجز. فعندما يبدأ في ممارسة هذة الرياضة, فإنه يبدأ تدريبه أولاً بالقفز من فوق الحواجز المنخفضة ثم مع التدريب المستمر يبدأ في اكتساب المهارة التي تجعله قادراً علي القفز فوق الحواجز الأكثر ارتفاعاً وهكذا حتي يصل إلي القدرة علي القفز فوق الحواجز العالية. هكذا كانت الشريعة اليهودية.. كانت التعاليم اليهودية, مثلا, تكتفي بمطالبة الإنسان بمواجهة الخير بالخير وقيل أن قدماء اليهود كانوا يقابلون الشر بالشر والعنف بالعنف طبقاً لمنطق "عين بعين وسن بسن" الذي وضعه تقليد الكتبة والفريسيين ومشايخ اليهود. ولكن عندما جاء المسيح كان من ضمن تعاليمه هو عدم مقاومة الشر بالشر, بل مقاومة الشر بالخير.

.

والآن ستسألين وتقولين هل هذا يتناقض مع التعاليم اليهودية.. ؟! الإجابة بالقطع لا.. بل أن هذة التعاليم المسيحية تسمو بالشريعة التي كان يؤمن بها اليهود وترتفع بها من كونها مجرد "قوانين" وهنا ترقي روح الإنسان إلي درجات أكثر روحانية ليكون في قداسة واتصال دائم مع الله. بمجيء السيد المسيح, قطع الله معنا "العهد الجديد" وهو عهد النعمة والخلاص وغفران الخطايا ولهذا كانت تعاليم ووصايا المسيح تتصف بالسمو الروحي. فالمسيح لم ينهي عن القتل فحسب بل نهي عن الأسباب التي تؤدي إلي ارتكاب هذة الخطيئة ومن ضمن هذة الأسباب هو الغضب فقال المسيح: "من قال لأخيه يا أحمق يكون مستوجب الحكم". ومثال آخر أن المسيح لم ينهي عن الزنا فحسب بل نهي عن الأسباب التي تؤدي إلي الزنا وهي نظرة الشهوة والفكر الداخلي المسئول عن هذة الشهوة, فقال: "من نظر إلي إمرأة واشتهاها, فقد زني بها في قلبه". إذن المسيحية لم تناقض اليهودية كما تعتقدي بل كملتها وارتفعت بها أكثر نحو الله من خلال الإيمان بالتعاليم الرب يسوع المسيح.

.

ولعلك الآن تتسألين لماذا يحتفظ المسيحيون بكتاب العهد الجديد طالما هم يؤمنون بالتعاليم المسيحية ولا يطبقون قوانين الشريعة اليهودية القديمة.. الإجابة علي هذا السؤال بكل بساطة هو إنه إذا كان لدينا العهد الجديد فقط، فإننا كنا سنقرأ أناجيل العهد الجديد من غير أن نفهم سبب انتظار اليهود للمسيا (المخلص الملك). ولم نكن سنفهم سبب مجيء المسيا للأرض (كما ورد في سفر أشعياء 53)، ولن نتمكن من التعرف على يسوع الناصري كالمسيا المنظر من خلال النبوات العديدة التي سبقت مجيئه. والتي تناولت ميلاده (سفر ميخا 2:5 )، وموته (مزمور 22، وخاصة عدد 1 و 7-8 و14-18 ومزمور 21:69) وقيامته (مزمور 10:16) وكل الأحداث المتعلقة بحياته (سفر أشعياء 19:52 و2:9)... إلخ.

.

وللتلخيص، فإن العهد القديم يطرح الأساس لتهيئة شعب إسرائيل لمجيء المسيا الذي سيضحي بنفسه من أجل خطاياهم (ومن أجل خطايا العالم). والعهد الجديد يصف لنا حياة المسيح على الأرض ثم يدقق النظر في ما صنعه المسيح وكيف ينبغي أن نستجيب لهبة الحياة الأبدية وأن نعيش حياتنا معترفين بصنيعه معنا) رومية 12). فكلا العهدين يوضحا طبيعة نفس الإله القدوس، الرحيم، الصالح، العادل الذي كان يجب أن يحاسبنا عن الخطيئة والذي يبغي شركة عميقة مع الإنسان من خلال مغفرة الخطايا المقدمة من خلال تضحية المسيح علي الصليب لدفع ثمن خطاياه. وفي كلاً من العهدين يظهر الله لنا نفسه وكيف يمكننا أن نأتي اليه من خلال يسوع المسيح. ومن خلال العهدين نجد كل ما نحتاجه لأن نحيا حياة ممجدة وأبدية (تيموثاوس الثانية 3:15-17).

.

هذا كان هو تعليقي علي قضية "نسخ" المسيحية لليهودية ..

سأواصل مشيئة الله التعليق علي باقي الرسالة.

مع خالص تحياتي ...

هناك تعليقان (2):

غير معرف يقول...

السلام عليكم

لما سيادتك بتقول انه مش متحرف

تفسر بإيه تعدد الأناجيل ( بولس ، يوحنا ، متى ...

او على الاقل فسر لي ليه هناك العهد القديم و العهد الجديد ؟


لفت نظري تنزيهك لله عز و جل عن اي تحريف في الكتاب المقدس
فلماذا لم تنزه الله ( رب العالمين وحده لا شريك له ) عن ان يكون له شريكا في الملك
و المسيحيين يقولونها صراحة ان المسيح هو الرب او ابن الرب

اجبني لـِمَ لـَمْ تنزه الله - جل شأنه - عن ان يكون له ولد
هل هو في حاجة لأن يلد ؟

أليس الله هو القوة المطلقه و الملك المطلق و الوجود المطلق و كل ما سواه عدم ؟

اشكر سعة صدرك
و اتمنى تتأمل كل سؤال قبل الاجابة
و اتمنى ايضا ان تجيب بصدق

كل احترامي

غير معرف يقول...

الاخ غير معرف واضح انك ماقريتش الاربع اناجيل لانك لو قريتهم هاتلاقيهم بيجتمعوا على نفس القصة و الاحداث دون اختلاف و ده دليل جديد انت جبته على عدم تحريف الانجيل لانه لو متحرف كانت النسخ دي اختلفت عن بعضها.

موضوع العهد الجديد و القديم هو ان ربنا سلوكه ناحية البشر قبل الغفران اكيد هايبقى مختلف عن بعد مالخطية اتغفرت.
بقى سلوك ربنا تجاه المذنب هو هو زى سلوكه ناحيه اللى عالصراط المستقيم؟؟

ربنا كان بحاجة لابن لغفران خطية البشر
خلي بالك هنا الابن مش معناه كيان منفصل و بس لأ و نفس الكيان الالهي كمان هاتقوللي ازاي هاقولك مايقدر عالقدرة الا ربنا عمل ابن و خلاه هو هو فى نفس الوقت عارف انه ضد المنطق لكن مش ضد ربنا لان ربنا قادر و هو القدرة المطلقة اللى نسيت انت تضيفها للقوة و الملك و الوجود

Related Posts with Thumbnails