ليس الهدف من الموقع الإساءة الشخصية للمسلم أو السخرية من عقيدته.. هدفنا هو الحوار الموضوعي القائم علي إستخدام الأدلة العقلية بطريقة حيادية ومحترمة

12 مارس 2009

من معجزات يسوع المسيح: شفاء مقعد في كفرناحوم

معجزة شفاء المفلوج في كفرناحوم


أولي تلك المعجزات التي أريد أن أتامّل فيها وإيّاك هي تلك التي حدثت في قرية صغيرة من الجليل تدعي كفرناحوم, وهي علي مقربة من بحيرة طبريّا أو بحر الجليل (مر 2\1 – 12).

.

فبينما يسوع عائد إلي الناصرة من الشمال أدرك الناس أنه سوف يمرّ بكفرناحوم, فتجمع الكثير منهم ليسمعوا تعاليمه. وإذا بشاب مقعد حمله أربعة من أصدقائه إلي المنزل حيث كان يسوع يعلّم. يبدو إنهم كانوا من المسعفين المتمرسين, ولكنهم كانوا أيضا مصممين كل التصميم علي أن يلقوا بذلك المقعد عند أقدام يسوع. فلما تبيّن لهم أن الدخول من الباب أصبح متعذرا بسبب تزاحم الناس, صعدوا بصديقهم سطح المنزل, وهناك أحدثوا فتحة في السقف ودلّوه علي أن استقرّ عند أقدام يسوع. فلبث مستقليا علي فراشه بلا حراك, وفي نفسه خشية من أن يكون ما قام به أصدقاؤه قد أثار غضب المعلّم يسوع المسيح.

.

أما يسوع فقد خفق قلبه رحمة لما أحسّ به من بؤس في نفس ذاك المقعد, كما أنه كان لإيمان أصدقائه في نفسه أعمق الأثر. فتقدم قليلا نحوه وانحني من فوقه وحدّق إلي وجهه. ولما تلاقت أعينهما أحسّ هذا المقعد بأن ما يشعّ من عيني يسوع هو ما اعتاد أن يصادفه من نظرات شفقة تشعره بمدي التعاسة التي فيه. ها هو الآن في حضرة شخص تشعّ من عينيه قوة تشعر بأنها مزيج من الرحمة والاحترام والثقة, وكأنها تتخطي الماضي والحاضر لتستشرف المستقبل, وكأنها تعد لانطلاقة جديدة ملؤها الرجاء, وكان قد هجر نفسه منذ أن خلّع أوصاله المرض فأقعده.

.

فقال له يسوع: "تشجع يا بنّي, فقد غفرت لك خطاياك". وأحدثت تلك الكلمات موجة من الضجيج في القاعة … وبدت علي الوجوه علامات من العجب, وتساءل بعضهم هل ما سمعوه حقيقة أم إن آذانهم قد أخطأت فيما سمعت؟ وراح بعضهم يردّّد في نفسه وبصوت خافت كلمات المعلم: "مغفورة لك خطاياك … مغفورة لك …". وفي ذاك الترداد تساؤل عمّن يمكنه أن يغفر الخطايا إلا الله وحده؟ ومن المعلوم أن يسوع أسند إلي تلاميذه بعد ذلك مغفرة الخطايا باسمه. ولكن حتى تلك اللحظة التاريخيّة كان غفران الخطايا ما زال محصورا بالله وحده. وكان اليهود يدركون تلك الحقيقة. لذلك أثار قول يسوع ما أثار عندهم من عجب: إنه كان في الحقيقة يعني أن القدرة التي هي لله إنمّا هي فيه, أي إنه يدّعي أنه هو الله. وكان ذلك في عرفهم تجديفا صارخا. والتجديف يعني أنه, وهو مجرد إنسان, قد استباح لنفسه مغفرة الخطايا التي هي لله من دون سواه, إذا هو يزعم بوضوح أنه الله.

.

لقد كان في قوله إنه الله تجديف صارخ, لو إنه لم يكن في الحقيقة كذلك. وفي كل ذلك ما كان العجب الذي عمّ تلك القاعة قد بلغ أوجه, ولا الجو "المكهرب" الذي ساد في نفوس بعض الكتبة الحاضرين أخد مساره حتى النهاية, لو أن الأمور استقرت عن هذا الحدّ. بيد أن الذي حدث ما كان في الحقيقة إلا البداية. وعينا يسوع, في كل ذلك, ما فارقت وجه المقعد لحظة واحد. ولكن نظرته الثاقبة التي كانت أنّه ما من عصفور, وهو يباع بنصف فلس, يسقط علي الأرض من دون إرادة الله, وكانت تعي كذلك كل ما يجول في أعماق القلوب, جعلته يسأل بصراحة: "لماذا تقولون هذا في قلوبكم؟", لم يلقّ بالطبع سؤاله إجابة. إنّه لمربك حقا أن يكشف لك إنسان ما في عمق نفسك من أفكار ويطرحها بوضوح علي مسامع الحاضرين!

.

ثم! طرح يسوع سؤالا آخر: "أن يقال للمقعد: غفرت لك خطاياك, أم أن يقال: قم فاحمل فراشك وامش؟", ولا عن هذا السؤال أيضا أجابوا. بيد أن صمتا كبيرا خيّم علي الجمع الذي كانت تعجّ به القاعة, وكان أشبه بالهدوء "المكهرب" الذي بنذر بالعاصفة. فما بدا للعقل جليّا أضرم في القلوب مزيجا من الحقد والغضب الذي وحده التجديف يحدثه في نفوس من نصّبوا أنفسهم مدافعين عن "حقوق الله", ولكن من دون أن يحسبوا لحقوق الإنسان أيّ حساب!

.

وفي حين كان جوّ العداء يتكثّف باضطراد, ما انفكّ يسوع ينظر بذلك العطف نفسه إلي هذا المقعد المطروح علي قدميه, وكأنّ كلّ ما يثور حوله من عواصف في النفوس, وما يجول من مخططات في العقول, هو بمثابة تفاصيل تافهة أمام عنف ألام ذاك الشاب وعمق إيمان أصدقائه. فأعاد الكرة مجددا وكأن شيئا من حوله لم يحدث, وكأنه يريد أن يثبت قوله بالفعل "إنه الله". وقال لكل من له أذنان سامعتان, وعيناه تشخصان إلي المقعد: "لكني تعلموا أن ابن الإنسان له سلطان يغفر به الخطايا في الأرض, لك أقول: قم فاحمل فراشك واذهب إلي بيتك". ويا للدهشة! فها هو ذاك الذي حمله أربعة ودلوه من السقف أمام يسوع, ذاك الذي طالما كان محطّ شفقة أهل البلدة جميعا, ها هو يثب واقفا ويحمل سريره ويخرج بمرأى من جميع الناس. ويقول لنا القديس مرقس: "لقد دهش الناس جميعا ومجدوا الله وقالوا: ما رأينا مثل هذا قطّ".

.

إننا لم نسمع بعدئذ عن ذاك الشاب شيئا. لقد حمل سريره وذهب إلي بيته كما أمره يسوع أن يفعل. ولكنه ما من شك في أنه, طيلة حياته, كان يذكر تلك الكلمات الحاسمة التي محت من الوجود ما كان يقلقه في الماضي, وفتحت له باب الحياة والمستقبل مجددا: "تشجع يا بني لقد غفرت بك خطاياك … قم فاحمل سريرك واذهب إلي بيتك".

.

ولا إخاله يستطيع أن ينسي نظرات يسوع التي ظللته بذلك النوع من العطف والرحمة اللذين أطلقا في نفسه وفي قلبه دفعة جديدة من الحيويّة أعادت له الأمل في الحياة, قبل أن بعثت في جسده القدرة علي أن يقوم ويحمل فراشه ويمشي. وهكذا تمجد الله في خليقته الجديدة هذة.

.

فلو لم يكن المسيح هو الله لكان الله, في شفاء ذاك المقعد, بدا وكأنه يثبت بالفعل قولا رأي فيه من ادعوا المعرفة في أمور الدين أنه تجديف. بيد أن الحقيقة التي تبدو جليّة هي أن المسيح هو الله. وهذا ما سبق وأعلنه صوت الله من السماء قائلا: "هذا هو ابني الحبيب الذي به رضيت".

هناك تعليق واحد:

غير معرف يقول...

مرحبا .. أخي الكريم
أعلم أن تعليقي ليس في المكان الصحيح
وارجوا ان تلتمس لي العذر في ذلك ...

رغم اني متعصبة لإسلام لكني أعدك أني سأكون في هذه المناظرة طرف محايد وموضوعي ... وحتى يكون حكمي عادل وصدق
على كل من المسيحية والإلحاد أرجوا أن تكون المناظرة على أساسين فقط :

الأول : النقاش في الإمور الفكرية البحتة وليس التاريخية او الأصولية لأن كل طرف منا له مرجعيته المختلفة ...

الثاني : ان نكون موضوعين في الطرح بكل أدب واحترام لا يشتم أحد منا الأخر
فأنا أحترم المسيح علية السلام فهو رسول كريم
والأخلاقيات الإنسانية تلزمني بإحترام الملحد

وهو حتى الأن لم أرى رده على المناظرة ؟؟

وكيف ستكون ؟؟

أقترح أن نخصص لها blogger

وبالختام .. ولله الذي لا إله إلا هو
أن لا إله إلا لله وأن محمد رسول لله

Related Posts with Thumbnails